محادثة ملخصة من نصين مايو 2002
مايو 2002 لخص أهم أفكار النصين السابقين في محادثة جرت بينك وبين جدتك /جدك وذلك في حدود 250 كلمة [لا تكتب بأسلوب جدال ].
كنت أهرول – كعادتي- وأنا أعد ملابسي للخروج رغم أن الوقت لم يزل فيه متسع – ولكنها عادتي وربما كانت عادة الكثير من الشباب ممن هم في سني – كانت جدتي تجلس يحوار الشرفة تتابعني في هرولتي معجبة مشفقة لست أدرى ،كانت جدتي تعلق عينيها – -كعادتها- على صورة لها كبيرة في شبابها وفتوتها ،ولم نكن – أحفادها – نعلق على تعلقها بهذه الصورة التي تحمل من الوفاء والتقليدية والبساطة والعفوية الكثير ،ووجدتني أسألها :
- لماذا لم أسألك قبل اليوم عن سر تعلقك بهذه اللوحة رغم أنى لا أنكر أنها رائعة .
- إنك لم تسألني لأنك لست مستعدا لأن تسمع إجابتي ،فأنت دائما متسرع ،ودائما قلق غير أنك – دائما- ذكى مستنير
- ما أظنك تتوقعين أن أتراجع عن سؤالي .
- ولا أحب أن تتراجع عنه ،فما أروع تلك اللحظات التي يعود بها الإنسان إلى شبابه ،وأن يستعيد ذكرياته .
- ولكنكم في شبابكم كنتم أسعد منا حظا جدتي .
- ليس ذلك صحيحا ،ربما نكون أهدأ منكم بالا ، وأقل انفعالا ،فقد كانت حياتنا أبسط ،ولكن الذي لا خلاف أننا كنا ننظر إلى آبائنا وأجدادنا كما تنظرون إلينا اليوم .
- أتعنين جدتي ---؟
- نعم أعنى ،فكل شاب ينظر إلى نفسه ،وإلى ما أوتى على أنه يمتلك الدنيا ،وأن رأيه هو الصحيح وما دونه غير ذلك ولكم الحق في ذلك كما كان لنا الحق وقتها .
- هذه يا جدتي قضية الزمن والأجيال فكل جيل – كما تفضلت – يحمل بين جنبيه آمالا عراضا ودماء زكية ومشاعر جياشة يجد أنها غير موجودة فيمن سبقوه ممن غلبتهم الواقعية والرضا .
- صدقت يا بنى – ومع كل هذا كله يخشى على شبابنا من طموحه وجموحه فالعالم أصبح قرية صغيرة وضياع التقاليد والقيم أضحى أمرا في مهب الريح بدعوى العلم والتقدم والمدنية .
- بل التقدم البناء الذي يرقى بالإنسان حيثما كان ،التقدم الذي يدعونا إلى المعرفة والاستطلاع وإعمار الكون .
- أوافقك ياجدتى ، وهذا فعلاما ينقص شبابنا الواعىالذى يبهره كل جديد فلا يميز بين ما يفيده بحثا عن الحرية والانطلاق والعدل والجمال والخير وهذه كلها معان لا تذكر.
- هذا ما يخشى فعلا فقلب الشباب الطاهر وحريته وإيمانه بالجديد وخياله الوثاب ،يجعله هذا كله حائرا ،ولكن شرف التجربة و الخطأيابنى أفضل كثيرا من الركون إلى والراحة .
- أنت رائعة ياجدتى – مرتين – رائعة لما أبديت من ربط رائع بين فكر الأجيال ومشاعرهم .ورائعة لأنك أخرجتني عن هرولتي ،الآن حان موعدي.
إلى اللقاء يا أجمل جدة .