س: انت تقف فوق قمة جبل صف بحواسك ماترى
ما أروع أن تقف فوق قمة الجبل ! ، وترى بعينيك لحظة مولد قرص الشمس يحضنك بسحره الأخاذ الذي ينفذ إلى جنبات فؤادك فيملأ صدرك انشراحا ،وينثرفى عقلك همة ونشاطا ، وذلك الشعاع الناعم يتهادى إليك في لونه الذهبي .
فإذا اللون الذهبي ينحدر على الصخور المتراصة جنبا إلى جنب والمتراكمة بعضا على بعض تبرز لك وكأنها رسمت بريشة فنان عبقري مزج الألوان فكان منها الأبيض والأحمر والأسود ،أغرتني بعبقريتها عند النظر إليها طويلا متأملا تارة ،متعجبا أخرى ،مسبحا لله في كل لحظة وحين .
وليس الدهشة فحسب في لونها ،فإن هندستها وقفت أمامها أسائل نفسي كم من عهود مرت ؟! وكم من ليال ولت؟! ، وتلك الصخور صامدة في عظمتها ، بارزة في شموخها .
وسط تلك الصخور - التي بدت لي جافة من الحياة ،ولا تسمع عندها إلا دوى الريح يأتيك في صوته الباهت أحيانا الصاخب كثيرا - تخرج تلك النباتات تحمل الحياة غير عابئة بالصمت المطبق على المكان ،تنتظر في صبر وجلد يوما تمطر فيه السماء فتمد إليها الأمل من جديد .
وكلما سبح نظري في حدود عبقرية المكان ،راعني مارأيت من خطوط ممدودة طولا وعرضا ،ما بين حمراء ،وبيضاء ،وشديدة السواد ،لا يكفيني إلا السجود خاشعا خاضعا لله ،إقرارا بإبداع القدرة الإلهية المطلقة ،فتذكرت الآية القرآنية المبدعة"ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ".
ومن الشمس علوا إلى الصخور والنباتات والطرق ،ينتهي نظري إلى أسفل الوادي حيث مجموعات الكثبان الرملية في شكلها المتسلسل المنتظم تارة ،المبعثر تارة أخرى ،تزدحم إليها ذرات الرمال الدقيقة الناعمة تحركها الرياح وتنقلها من مكان إلى آخر ،تقبع في صحراء لا متناهية ،وبجوارها ذلك الجبل الشاهد على الزمن في شكله الهرمي قاعدته العريضة جدا إلى قمته المحدبة .
اعدادالاستاذ أيمن ثابت